الرسالة الأولى
(1)
لا زلتُ مُصرّاً على مناداتك بتلك الكلمةِ التي تسببُ رعشةً خاصة
و تجعلُكِ تتسلقين أعمدةَ النشوةِ بكل جَمال ورشاقة
حبيبتي،
أكتبُ لكِ الآنَ لعلَّ الكلماتِ التي أخطها منتهكاً حُرمَة الورقِ الأبيض
تأخذك في رحلةٍ رهيبةٍ إلى الماضي الذي كان يجمعنا
إلى تلك الذاكرة التي كانت أنثى مغرورة... تأخذني إلى دَهاليزِها يومياً
بحركةِ إغراءٍ واضحةٍ
حتى أتحسسَ انحناءاتِ جسدِها
فأتذكرُ انحناءاتِ الطرق التي مشيناها معاً في تلكَ الأيام الرائعة
تلك التي أحاولُ الآنَ أن أمارسَ ضدَّها أسوأ عاداتي
لأنها عصيةٌ على النسيان
ولنتركْها جانباً
فهي كالمومياء المحنطة التي ستكتشفها الأجيال يوماً
وسوف تضعُها في متاحفِ التاريخ
لأن هذا هو مصير الماضي الجميل
الذي لا يحميه حاضرٌ أجملُ منه
ربما يصبح أكثرَ أهميةً في ذلك الزمن القادمِ البعيدْ
فلنتركْها جانباً ولنتحدثْ عن ذلك المِسكين الذي يُدعى الحب
فهو يجلس على أرصفة الطرقات
كما يجلس مشردٌ معدمٌ من مشردي أمريكا
حيثُ يشحذ منا الحنان
كطفل رثِّ الثياب
عمرُه تسعُ سنواتٍ لم تعشْ الإنسانيةُ مثلهن
وها هو الآن يبدو ذليلاً
تحتَ أقدامِ الخلافاتِ التي تسحقُه
وتدميه