وكانت لهلال ذي القعدة على رأس خمسة وأربعين شهرا ، وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ست عشرة ليلة ورجع إلى
المدينة لأربع عشرة بقيت من ذي القعدة واستخلف على
المدينة [url=]ابن رواحة[/url] .
حدثني [url=]الضحاك بن عثمان[/url] ، ومحمد بن عمرو الأنصاري ، وموسى بن محمد بن [url=]إبراهيم بن الحارث[/url] ، وأبو [url=]بكر[/url] بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة ومعمر بن راشد وأبو معشر [url=]وعبد الله بن جعفر[/url] ، ومحمد بن عبد الله بن مسلم وعبد الحميد بن جعفر [url=]وابن أبي[/url] حبيبة [url=]ومحمد بن يحيى[/url] بن سهل وكل قد حدثني بطائفة من هذا الحديث وغيرهم ممن لم أسم قالوا : لما أراد [url=][/url]أبو سفيان [url=][/url]أن ينصرف يوم [url=][/url]أحد[url=] [/url]نادى : موعد بيننا وبينكم
بدر [url=]الصفراء[/url] رأس [url=]الحول[/url] ، نلتقي فيه فنقتتل .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [url=]لعمر بن الخطاب[/url] رضي الله عنه قل نعم إن شاء الله
ويقال قال أبو سفيان يومئذ موعدكم
بدر [url=]الصفراء[/url] بعد شهرين .
قال ابن [url=]واقد[/url] : والأول أثبت عندنا . فافترق الناس على ذلك ورجعت [url=]قريش[/url] فخبروا من قبلهم بالموعد وتهيئوا للخروج وأجلبوا ، وكان هذا عندهم أعظم الأيام لأنهم رجعوا من [url=]أحد[/url] والدولة لهم طمعوا في
بدر الموعد أيضا بمثل ذلك من الظفر .
وكان
بدر [url=]الصفراء[/url] مجمعا يجتمع فيه [url=]العرب[/url] ، وسوقا تقوم لهلال ذي القعدة إلى ثمان ليال خلون منه فإذا مضت ثماني ليال منه تفرق الناس إلى بلادهم . فلما دنا الموعد كره [url=]أبو سفيان[/url] الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يحب أن يقيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه [url=][/url]بالمدينة
ولا يوافقون الموعد .
فكان كل من ورد عليه
مكة يريد
المدينة أظهر له إنا نريد أن نغزو محمدا في [url=]جمع[/url] كثيف . فيقدم القادم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيراهم على تجهز فيقول تركت أبا سفيان قد [url=]جمع[/url] الجموع وسار في [url=]العرب[/url] ليسير إليكم لموعدكم . فيكره ذلك المسلمون ويهيبهم ذلك .
ويقدم [url=]نعيم بن مسعود الأشجعي[/url]
مكة ، فجاءه [url=]أبو سفيان بن [/url] حرب [url=][/url]في رجال من [url=][/url]قريش [url=][/url]فقال [url=]يا نعيم[/url] إني وعدت محمدا وأصحابه يوم [url=]أحد[/url] أن نلتقي نحن وهو
ببدر الصفراء [url=][/url]على رأس [url=]الحول[/url] ، وقد جاء ذلك . فقال [url=]نعيم[/url] : ما أقدمني إلا ما رأيت محمدا وأصحابه يصنعون من إعداد السلاح والكراع وقد تجلب إليه حلفاء [url=]الأوس[/url] من [url=]بلي[/url] [url=]وجهينة[/url] وغيرهم فتركت
المدينة أمس وهي كالرمانة .
فقال أبو سفيان أحقا ما تقول ؟ قال إي والله . فجزوا نعيما خيرا ووصلوه وأعانوه فقال أبو سفيان أسمعك تذكر ما تذكر ما قد أعدوا ؟ وهذا عام جدب - قال نعيم الأرض مثل ظهر الترس ليس فيها لبعير شيء - وإنما يصلحنا عام خصب غيداق ترعى فيه الظهر والخيل ونشرب اللبن وأنا أكره أن يخرج محمد وأصحابه ولا أخرج فيجترئون علينا ، ويكون الخلف من قبلهم أحب إلي . ونجعل لك عشرين فريضة عشرا جذاعا وعشرا حقاقا ، وتوضع لك على يدي [url=]سهيل بن عمرو[/url] ويضمنها لك .
قال نعيم رضيت . وكان [url=]سهيل[/url] صديقا لنعيم فجاء سهيلا فقال يا أبا يزيد تضمن لي عشرين فريضة على أن أقدم
المدينة فأخذل أصحاب محمد ؟ قال نعم . [ قال ] : فإني خارج . فخرج على بعير حملوه عليه وأسرع السير فقدم وقد حلق رأسه معتمرا ، فوجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهزون فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين يا نعيم ؟ قال خرجت معتمرا إلى
مكة .
فقالوا : لك علم بأبي سفيان ؟ قال نعم تركت أبا سفيان قد [url=]جمع[/url] الجموع وأجلب معه [url=]العرب[/url] ، فهو جاء فيما لا قبل لكم به فأقيموا ولا تخرجوا فإنهم قد أتوكم في داركم وقراركم فلن يفلت منكم إلا الشريد وقتلت سراتكم وأصاب محمدا في نفسه ما أصابه من الجراح . فتريدون أن تخرجوا إليهم فتلقوهم في موضع من الأرض ؟ بئس الرأي رأيتم لأنفسكم - وهو موسم يجتمع فيه الناس - والله ما أرى أن يفلت منكم [url=]أحد[/url] وجعل يطوف بهذا القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رعبهم وكره إليهم الخروج حتى نطقوا بتصديق قول نعيم أو من نطق منهم .
واستبشر بذلك المنافقون [url=]واليهود[/url] وقالوا : محمد لا يفلت من هذا الجمع واحتمل الشيطان أولياءه من الناس لخوف المسلمين حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وتظاهرت به الأخبار عنده حتى خاف رسول الله ألا يخرج معه [url=]أحد[/url] .
فجاءه [url=]أبو [/url] بكر [url=]بن أبي قحافة[/url] رضي الله عنه [url=]وعمر بن الخطاب[/url] رضي الله عنه وقد سمعا ما سمعا فقالا : يا رسول الله إن الله مظهر دينه ومعز نبيه وقد وعدنا القوم موعدا ونحن لا نحب أن نتخلف عن القوم فيرون أن هذا جبن منا عنهم فسر لموعدهم فوالله إن في ذلك لخيرة فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ثم قال
والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي [url=]أحد[/url] قال فلما تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بما بصر الله عز وجل المسلمين وأذهب ما كان رعبهم الشيطان وخرج المسلمون بتجارات لهم إلى
بدر
فحدثت عن يزيد عن خصيفة قال كان [url=]عثمان بن عفان[/url] رحمه الله يقول لقد رأيتنا وقد قذف الرعب في قلوبنا ، فما أرى أحدا له نية في الخروج حتى أنهج الله تعالى للمسلمين بصائرهم وأذهب عنهم تخويف الشيطان . فخرجوا فلقد خرجت ببضاعة إلى موسم
بدر ، فربحت للدينار دينارا ، فرجعنا بخير وفضل من ربنا .
فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين وخرجوا ببضائع لهم ونفقات . فانتهوا إلى
بدر ليلة هلال ذي القعدة وقام السوق صبيحة الهلال فأقاموا ثمانية أيام والسوق قائمة .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج في ألف وخمسمائة من أصحابه وكانت الخيل عشرة أفراس فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرس [url=]لأبي [/url] بكر [url=][/url]، وفرس [url=]لعمر[/url] ، وفرس [url=][/url]لأبي [url=]قتادة[/url] ، وفرس [url=]لسعيد بن زيد[/url] ، وفرس [url=]للمقداد[/url] ، وفرس [url=]للحباب[/url] ، وفرس [url=]للزبير[/url] ، وفرس [url=]لعباد بن بشر[/url]
فحدثني علي بن زيد عن أبيه قال قال [url=][/url]المقداد [url=][/url]: شهدت
بدر الموعد على فرسي سبحة أركب ظهرها ذاهبا وراجعا ، فلم يلق كيدا . ثم إن أبا سفيان قال يا معشر [url=]قريش[/url] ، قد بعثنا [url=]نعيم بن مسعود[/url] لأن يخذل أصحاب محمد عن الخروج وهو جاهد ولكن نخرج نحن فنسير ليلة أو ليلتين ثم نرجع فإن كان محمد لم يخرج بلغه أنا خرجنا فرجعنا لأنه لم يخرج فيكون هذا لنا عليه وإن كان خرج أظهرنا أن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام عشب . قالوا : نعم ما رأيت .
فخرج في [url=]قريش[/url] ، وهم ألفان ومعهم خمسون فرسا ، حتى انتهوا إلى
مجنة ثم قال ارجعوا ، لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وإن عامكم هذا عام جدب وإني راجع فارجعوا . فسمى [url=]أهل مكة[/url] ذلك الجيش [url=]جيش السويق[/url] ، يقولون خرجوا يشربون [url=]السويق[/url]