فى المحكمة
القاضى يطلب من الحضور الهدوء التام
يطلب أن يصمت الجميع عن الكلام
يسأل بصوت عاتب ما هى أسباب الخصام؟
أرفع أنا يدى فى هدوء قائلا
سيدى القاضى أود الكلام
تفضل وبح لنا بأسباب الخصام
وأبتعد بنى عن الهزل وكلام اللئام
كنت أحبها كانت عشقى كنت لها العاشق الولهان
أنرت لها أصابعى وجفونى أشمعا أكلها الذوبان
كنت امشى طويلا واطلق لفكرى العنان
كنت أفكر بحبها كانت تخوننى مع أغلى انسان
تركتنى والشموع ضياء وفكرى حيران
كانت لى كل حياتى لم أكن لها أكثر من نوراً للمكان
سيدى القاضى ما زال فى جوفى الكثير من الخفقان
تركتنى وخلفت سرابا من دمعتان
هى من ظللت أحكى بحُبها بقلبى والجوارح واللسان
حكيت كثيراً حتى ملت من حكاياتى البحور والشطئان
نامت هى وتركتنى لآدمعى وقلبى السهران
وبعد كل هذا الحب تبكى هامتى قبل العينان
كفاك بنى احكى لنا انتى بنيتى
سأحكى لك سيدى وأوضح لك مبهم قصتى
تحدث لك هو وسرد عنى كل العيوب
أنا لم أخُنه فهو كان لى كل الدروب
ترك كل حبى له ونظر من بين الثقوب
بقى هو الملاك البرىء وأنا حاملة الذنوب
بقى هو الشمعة فى ريعانها وأنا ظلام الغروب
سيدى القاضى
ان كنت قد اخطات فانا لست ملاكاً
وللعتاب أصول وان شاء فراقً
كنت أحبه حباً لم يره جوف أبن أدم
والان حبى قد جف ولم يعد قلبى باسماً فرحاناً
وكيف لا وقد ظن بى السوء وأعتبرنى شيطاناً
قصتى يا سيادة القاضى
كنا ثلاث رفقاء فى الدروب اعوانا
يملآ قلوبنا الحب ويكمله الايمانا
قال لى انى أحبك فلم يكن قلبى حيرانا
أحببته وبذلت له العشق طول الازمانا
وكان لا يزال هو وصديقنا الثالث خلانا
الى أن حط الشك فى قلبه وسيطرت عليه هواجس الشيطانا
وقال لى يا خائنتى وهو يتمايل فظننته سكرانا
فقالها ثانية وثالثة فتيقنت أن كلامه ليس هذيانا
حينها أثرت الصمت وامتلآ قلبى احزانا
سيدى القاضى هى خائنتى ولن أصمت بعد الان
لن يتحمل قلبى جرحاً أخر فانا انسان
أنا لست بجارحتك بل أنا اسيرة الوجدان
لالا كنتى ولا أود أن أراكى من جديد
كيفما تشاء ورأيك فى نظرى ليس بالرأى السديد
أنا التى لن تصمت ولن تحتمل من خرافاتك المزيد
بل أنا من سأولى بالذهاب ولن اعود
ومالى الا البعاد بعدما خنتى المواثق والعهود
بربى ما كنت لك خائنة ولا هو فهو رفيقك الوحيد
وأنت تحبنى وأعلم أننى طيرك المنشود
وسأعلنها أنى أحبك فلم يعد قلبى يحتمل الصمود
وأنا أحبك وأتوق الى حضنك الدافىء يضمنى
أحلم الان بذراعيك وأنفاسك تحوطنى
وسأُعلنها على الملاء أنى قد أخطأت وأنا الجانى
والان أعود أنا ورفيقى وحبيبة زمانى
وأنت يا رفيقى أطلب من قلبك الغفرانى
فلم تكن خائنى ولست أنت الرامى
(وسط هذا انهض انا وحبيبتى فى مشهد عناق بعد فراق
ربما لن يتكرر بين عشاق ثانية
ويقف القاضى وعينه تمتلاء بالدمع ويعلن بصوت هادىء حانى )
...رفعت الجلسة...
منقول..